samedi 7 février 2015

يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا

يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا

"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" (سورة الروم، 7)
إنه الضعف وقصر النظر وعدم الإحاطة بالأشياء والنفاذ إلى أسرارها..
مجرد غطاء من الحياة الدنيا ليس إلا..
ويبقى ما وراء الغطاء.. حقول الحقيقة الممتدة التي لا نستطيع اكتشافها
فلا زلنا نحبو على صعيد المعرفة والعلم رغم ما زخرت به مكتباتنا وما توصلنا إليه من كشوف
فكلما اكتشفنا شيئا إلا وبدت مساحات المجهول وراءه ممتدة بشكل مهول
وتكشف لنا كم كانت معرفتنا هزيلة لا تعدو أن تكون قشرة ظاهرة من الشيء وكأننا أما جبال الجليد حيث العائم منه صغير وما خفي أعظم بكثير..
وما زلنا لا نركز في تربيتنا على عمق التأمل وحب الاستطلاع والنفاذ إلى ما وراء الأشياء لاستكشاف الأسرار
وذلك لعمري مطمح التربية وسر من أسرار السعادة نغفل عنه ونكتفي بالقشور فندور في حلقات مفرغة تجتر ما كان وتنسى ما سيكون ..
خذ يا صاح حياة نبي الرحمة محمدا عليه السلام قبل البعثة كيف كان يجلس الشهور في غار حراء متأملا في الكون من حوله..
فلما جاءه الوحي كان التركيز فيه على عمق التدبر في الوجود والموجودات وسر الحياة والجمال والنعم صغيرها وكبيرها.. وكانت المساحات الممتدة عمقا وطولا تنفذ إلى أسرار الخلق وتاريخ الظلمات والنور..
حبلى هي الحياة بمكنوناتها فلا يكفي العمر لاستكشافها فنحتاج أعمارا..
وتبقى المساحات المظلمة منها كقيعان المحيطات، مع أن تلك المحيطات لا تعدو أن تكون ذرات صغيرة حينما توضع جنبا إلى جنب مع ما وراء الحياة..
أو ميت أنت أم لن تموت؟
فما مكانك بعد الموت؟ بل وما مكانك قبل الحياة؟ هي مساحات ضخمة عصية على الاستكشاف..
تتعدى ظاهر الحياة..
ألا إنها الآخرة.. على بعد أمتار ..
فاحذرها كونها لا تأت إلا بغتة.
فاستفق يا صاح.
وكرر مع قارئ القرآن:
"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون"
فقشرة هي علومنا فيما يخصنا ككيان، وفيما يعج فوق أرضنا من حياة..
فما نبصر إلا القليل، وما لا نبصره هو الكَمٌ الرهيب..
وما الأرض يا صاح؟ أليست ذرة في كون زاخر بالمجرات
حيث بلايين النجوم ذات الأحجام الرهيبة والألوان الزاهية والأسرار المستعصية..؟
**************
وتضع المسجى أمامك يا صاح
جسدا فارقته روحه فغدا بدون حراك
فاسأله أين وهج النور الذي صار به الطين كيانا له شأن
أين وهج النور كان من قبل، وأين صار؟
                                                                     (ذ. نورالدين مشاط)

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire