lundi 18 avril 2016

الكهف، تأمل في المسارات الداخلية

الكهف، تأمل في المسارات الداخلية
                           ذ. نورالدين مشاط
 

لم يكن عبثا أن يلج المصطفى الحبيب عليه أزكى الصلاة والتسليم الكهف ليرتقي من خلاله سلم النبوة والرسالة
ولم يكن عبثا أن يوجهنا إلى قراءة سورة الكهف كل جمعة ونعيد قصة الفتية واللجوء إلى الكهف،
ولم يكن عبثا أن ندخل المسجد خمس مرات في اليوم.

فالفعل المتكرر المطلوب له عمق هنا وهناك..
الحياة تيار جارف ولمتعها تزيين يمارس على المرء تغييرات على مستوى الرؤية والسلوك..
وعلى مستوى الغفلة عن حقيقة الحياة كاختبار فتغدو غاية بدل وسيلة..
فتنتهي دقائق الحياة لتغلق الملفات وفي آخر رمق يستفيق الإنسان ليلعن الحياة..
لا تلعنها فقد كانت مطية لك .. فتركت إغواءاتها لتمتطيك..
وكانت ساحة فعل لك.. وجعلت نفسك ساحة فعل لها..
لقد جعل لك المولى دقائق لتقفز من قطارها
وتغادر نهرها الجارف
لتدخل المسجد
(هذا إن لم يكن لك أوقات تختلي بنفسك لتسائلها عن الحياة وحقيقتها )
وتغتنم اللحظات للتأمل في المسارات والمآلات
وتستعرض النعم
وتغسل الجوارح والحواس مما علق بها من حجب وأدران
وتمزق غلاف الغفلة
وتستنشق طعم الحرية من حبائل المتع والزينة والطلاء
فتعيد صياغة الأهداف..ورسم الخطط وتدبير المسارات
هي الخمس عبادة
وهي تواصل مع مصدر النور الكشاف لدقائق الأشياء
هي دعاء وبكاء واستغفار وتوبة وفهم للحقائق
وطلب استعانة وإعلان فقر يصيغ الرؤية من جديد ويعيد الأسئلة الكبرى إلى الواجهة:
من أنت؟
كومة تراب فلا تترفع..
فكم قتل الكبر الحقيقة ..ونشر الجهل .. وصاغ معارك.. وأنتج ضحايا..
ميت بن ميت.. فان بعد أجل.. وحدث فهل جاء من عدم؟
كنت أخي وستكون بقدرة من جاء بك وسيذهب بك
فانتبه لإشاراته وأنواره
ومعرفتك بالضعف الأصيل يعطيك قدرة على الإنصات للجميع
يا صاحبي
ها هو الكهف أمامك
أدخل
واجلس القرفصاء..
وأغلق أبواب حواسك..
واقرأ الحياة
وارتق سلم النجاة
فتلك رحمة نشرها لك ربك
لتربيتك وتزكية روحك
وهي مرفقك وعكازتك
فارتق أحجار الكهف نحو قمة الأبرار