vendredi 12 mai 2017

عطاء المؤمنين توفيق ومنة

عطاء المؤمنين توفيق ومنة
                                                        



هو إكرام المولى يرقي به من اجتبى
فيحملهم على أجنحة من نور
نحو أشواق المتع التي لا تبلى
فتصير الدار الآخرة شوقهم ..ونزلها حلمهم
ويصير ما بيدهم مهرا لآخرتهم
فما شاهدوه من إكرام ربهم
ومن جميل صنعه
ونفحاته
آثرهم حب لقائه
وواسع عطائه
فغدت الدنيا المطية سجنا
.............
قال عز وجل:
(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)) "سورة (ص)"
 
هم فقهوا زهرة الحياة الدنيا
فقهوا سرعة تقلبها
فقهوا سرعة ذبولها
فاختاروا ما يبقى
وآثروه على ما يفنى
عرفوا أن لا ملك إلا للملك
لمن ملك بحق
فرفع وخفض
وأغنى وأقنى
وأضحك وأبكى
وأمات وأحيى
فانتهى الكلام
فكتبوا بدموع مقلهم
هو الوارث حقا وعدلا
وهو الغني عن كل عطاء
فما الأيادي إلا مهرا للجنان
فكن سباقا يا صاح
فأشواقك لن تبلغك
وإنما هي الأعمال
فارفع شعار:
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
واحفر فوق أخاديد حزن الفقراء
أنوار بسمات تشق ليلهم البهيم فجرا
فتغدو الدنى رحمات فوق رحمات
أصلها رحمن الأرض والسماوات
وجيشها أهل الأيادي والأبصار..

الفقير إلى عفو الله:  ذ. نورالدين مشاط

jeudi 4 mai 2017

المساجد .. بيوت من نور

المساجد .. بيوت من نور

قال تعالى : "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)" (سورة النور)
رفعها الله فوق باقي البقاع..
وجعلها قيعانا لنوره .. 
يقف باشا لزائريها..
أسدل الرحمة فيها وما حولها ..
وجعلها عدادا للخير لا يتوقف لمن تعلق بها،
وأجزل له العطاء فجعله ممن يظله بظله يوم الحشر،
حيث تلجم وديان العرق الواقفين،
وترهق المعاصي أهلها فإذا الأعين من الذل خاشعة..
تنتظر الرحمة،
فارحم نفسك أخي،
وكن من بين عشاق المساجد،
فتلك برك الأمان فاسبح فيها،
تتساقط الأذران تباعا وتخرج منها ثوبا أبيض للناظرين،
تصيح بعز: "هاؤم اقرؤوا كتابيه"
فذاك العز ليس بعده إلا النظر للرحمن رب العالمين،
هي المساجد بساتين فيحاء..
فاقطف الثمار.. واستنشق أريج التسبيحات،،
ومسك الذكر وتلاوة الآيات..
وبركات الدعاء..
عش أنسام السكينة تحت ظلال أجنحة ملائكة الرحمن..
واحص النعم واشكر المنان..
وتذكر أن الأمان هنا..
حيث روابي المساجد،
وسواقي أنواره.
خطواتك إليه حصاد للحسنات وتنقية للسيئات..
وجلوسك فيه لانتظار الصلاة صلاة..
والجماعة فيه تفضل صلاتك في البيت عدة درجات..
فلا تبخل على نفسك..
وتذكر أن الله يقف على أبواب المساجد باشا إليك..

الفقير إلى الله: نورالدين مشاط

خيوط الأماني والغرور

خيوط الأماني والغرور

 
قال الله تعالى ناقلا لنا عن جدال أهل النار:
"يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ" (سورة الحديد 14)"
ألم نكن معكم؟؟؟
فكيف اختلفت المنازل؟ وتباعدت الأحوال؟ وصرتم فيما أنتم فيه من نعم ورحمات
وصرنا فيما لا يوصف من المذلة والهوان..
ألم نكن معكم؟ ألن تشفع لنا لحظات التواجد معكم في زمن مضى؟؟؟
قالوا بلى، ولكن..
ويا للحسرة من "ولكن.."
فقصة ولكن، قصة نكوص وقصة حسابات ضيقة، قصة غرور وارتكان إلى اللحظات الزائفة..
إلى خيوط الأماني بألوانها الزاهية حيث القصور من الأحلام تبنى على رمال الشوطئ فتعصف بها أمواج البحار.. أمواج القدر المتربص وراء اللحظات..
كم نبني ونخطط وننسى أننا على موعد رحيل..
فتعالوا إلى الحبيب الطبيب عليه أزكى الصلاة والتسليم لنتعلم
رسم الرسول عليه الصلاة والسلام خيوطا للإنسان وآماله وحتفه

يقول الامام البخاري رحمه الله : (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الوَسَطِ، وَقَالَ: " هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ: قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الخُطَطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ").

 فتعالوا لنرسم قبرا في مخيلتنا..
يظل ميزانا نهذب به الآمال،
ونشذب التطاول،
ونرسم خططا للحياة الأخرى فنضعها في الحسبان..
فالراحلون بيننا كثر،
ورحيلنا صدر بشأنه الأمر،
والتنفيذ آت لا محالة،
فلنجعل الحياة مزرعة لما هو باق..

الفقير إلى الله (نورالدين مشاط)

اقرأ باسم ربك الذي خلق

إقرأ باسم ربك الذي خلق
 
اقرأ مسافرا..
اقرأ في الخلية .. وفي الذرة .. وهندسة التصاميم..
وروعة الألوان.. اقرأ تفاصيل الخلق أحياء وجمادات..
اقرأ فسيفساء الكون صغيرها وكبيرها..

وعش شلالات النور المخترقة للآفاق والأعماق.
عش أوامر المولى .. رحمة تلف الكل..
لترى الخلق بميزان الحكمة من أي مشكاة صدر؟
اقرأ بعينك تجوالا وبقلبك وجوارحك إحساسا سر الخلق
وسافر في مساراته خلقا وفتقا وفلقا..
سافر في رحلة الحياة الدفاقة من ماء عبر الجداول
من بين الصلب والترائب
ومن بين صخور وأغوار الجبال والسهول
سافر عبر دموعك المنسابة من المقل
إلى حيث الأنس لا يزيدك إلا شوقا..
وحيث فيض الرضا رحمات لا تعد ولا تحصى.
سافر عبر حروف الحاء والميم والدال حمدا
سافر عبر الثناء والتمجيد مكبرا من هو أهل للتكبير والتعظيم
سافر عبر تاريخ ذنوبك ..
وارسمها فوق كفك لتراها.. وترى جلال الخلق في أصابعك
وتدرك البون الشاسع بين الظلام والنور..
وبين المنع والعطاء..
وبين الفان والباق..
وبين الأكرم والأشح..
"إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم"
فتلك غاية الخلق..
 
الفقير إلى عفو الله: نورالدين مشاط

القرآن وأسئلة الوجود الكبرى

القرآن وأسئلة الوجود الكبرى



قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ (36)) (سورة الطور)
هو القرآن يسأل ويفحم ويسير بك في عمق الأسئلة المركبة لتقتنع وتبني اليقين..
لا يحتاج إلى من يدافع عنه، فهو كلام الحق..
لكنه يحتاج فقط إلى من يقرؤه بعمق..
وتدبر ليسافر على متن خيوط أنواره وبحور أسراره..
ليقرأ تاريخ الخلق وتفاصيل البدء وعلاقات الارتباط..
هو القرآن يسألك يا صاح:
أخُلقت من عدم؟ فعناصر تكوينك تتحداك..
أم خلقت مادة تكوينك.. فكنت سابقا لها ثم عدت لتصنع منها .. فيا للعجب؟
أم خلقت السماوات والأرض؟ رغم أن تاريخ خلقها فيما توصل إليه الإنسان هو سابق لخلقه هو.
فكيف تمددت لتخلق أنت كائنات تبعد بلايين السنوات الضوئية وتكبرك حجما بملايير الكيلومترات وليس السنتيمترات..
وكيف تخلق أيها الإنسان فضاء ثم تحل فيه، ويأتي الفضاء مناسبا لك متفاعلا معك..
وكيف لعينك تبصر بنور هو جزء من الكون لاعنصرا صادرا عن ذاتك
فمتى غاب غابت الرؤية معه .. ومع ذلك تكابر وتجاحد
من خلقك ووضعك في بيئة كلها متناسبة معك..
وكيف تسمع بهواء عبر أمواج تسافر فيها الذبذبات..
وتتنفس رئتاك بهواء مصفى، فمن جعل الأشجار تصفي هواءك وتجدده باستمرار
ومن أين لك بماء ودمك كله منه..لو شاء الديان أن يحرمك منه حرمانا
ومن أين.. ومن أين .. وكيف ..
تاهت الأسئلة أيها الحيران..
فاسأل ربا رحيما لفك وأحاطك بكرمه وغطاك بستره..
فنظرة ثاقبة في كيانك وما حوله ترسم في قلبك اليقين.
الفقير إلى عفو الله: نورالدين مشاط

mercredi 3 mai 2017

ماذا لو خُلق الناس من بدء الخليقة بدون عينين؟

ماذا لو خُلق الناس من بدء الخليقة بدون عينين؟ 


ماذا لو خُلق الناس من بدء الخليقة بدون عينين؟
كيف كان العالم سيكون اليوم؟
ما الذي سيغيب جراء ذلك؟
ومن هنا يأتي دعاء السجود للرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها: " سجدَ وجهـيَ للذي خلقَـه وشَـقَّ سمعَـه وبصرَه بحولـِه وقـوَّتِه ".
فانظر إلى عمق هذا الدعاء وجماله..
كيف شق الواحد الأحد الجميل الرحيم الطين ليصبح متصلا بالعالم من حوله

ولولا ذلك ..
فكيف كان العالم سيكون؟؟
كان كل ما نتمتع به اليوم في حكم المختفي
ستختفي السيارات والطائرات والدبابات والطرق والبواخر والعمارات
كل شيء..
يا لله.. كل تصميم الإنسان سيختفي
إبداعاته..
كم أنت رحيم يارب..
ويا لحكمتك ..
لقد خلقت الخلق في أحسن تقويم..
فأعطيت كل شيء خلقه وهديته لما ييسر حياته..
ألا إن اللسان يعجز عن الشكر يا ذا المنة والفضل..
....
هي لكم فقرة تأملية.. تفاعلوا معها..
وعند تقديم الحواس صوغوها لمتعلميكم إذا أعجبتكم..
ليعرفوا قيمة العطاء والنعمة..
فذلك تعلم وتربية.


الفقير إلى عفو الله (نورالدين مشاط)

القرآن والرفعة

القرآن والرفعة


"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث، ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا، فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)" (سورة الأعراف)
هذا القرآن روح تنفخ في الموات فإذا هم أحياء
يرفع الإنسان بنفخه نفسا جديدا فيه فتتجدد رؤاه وفهمه للعالم من حوله
فتتوسع مداركه بما يفتح الله عليه ويرتفع في مدارج الفهم وتتفتق بصيرته
فيرى بنور الله، فإذا الكون ضياء.. فيرى في الضياء ما لم يره من قبل
يرى في الناس معادنهم الحقة، يرى جوانبهم المضيئة ويثمنها ويمدحها فيهم ويلتمس الأعذار لأخطائهم لكونها جزء لا يتجزأ من ضعفهم ومن عدم إحاطتهم بالأشياء علما..
سر يا صاح تحت كشافات نور القرآن وارتشف من رحيقه واستنشق أريجه..
فوالله سيرفعك الله به لترى ما لا يراه الآخرون..
ارتق درجا تلو الدرج، فالسلم عال..
وأمسك عقدة بعد الأخرى فالحبل ممدود إلى عنان السماء..
سلم القرآن وحبله المتين حيث طرفه عند أهل القرآن وطرفه الآخر بيد المولى عز وجل
أمسك يا صاح.. فبإمساكك تتدفق ينابيع الهداية ينبوعا ينبوعا وبحيرة بحيرة "والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم" (محمد 17)
وتتفتح الأبواب وتظهر السبل المستترة للرحمن لا يخص بها إلا عباده المتقين الذين ارتفعوا فوق جواذب الأرض ووحل الطين وزخرف الأحجار وطلاء الأشياء، الذين جاهدوا ليرتفعوا بالآيات فيرتقوا فوق الوديان السحيقة ليروا سبل ذو الجلال والإكرام
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت 69)
أمسك يا صاح بآي القرآن، و"استمسك" كما فعل الحبيب المصطفى عليه السلام بها حين خاطبه العلي القدير بقوله جل من قائل "فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم" (الزخرف 43)
استمسك بها واصعد فمن لم يستمسك تدحرج إلى القاع الصفصف والتصق بالأرض واتبع هواه حيث يميل يمنة ويسرة حيث ما مالت به الرياح .. استمسك بوهج النور وكشافه لترى بوضوح ساطع حقيقة الأشياء وتنفذ إلى عمق محيطاتها وتسبر أغوارها فلا يخدعك شيء ولا تختبئ عنك معلومة "فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" (الذاريات 23) أليس هو القائل تعالى وجلت قدرته "ما فرطنا في الكتاب من شيء" (الأنعام 38)
فاقرأ وارتق.. تسلق الجدران وارتفع فوق قمم الجبال الراسيات الشامخات..
ارتفع بآي القرآن..
وإياك أن تنسلخ منها،
فما الانسلاخ إلا خلود إلى الأرض وارتماء في الحمأة واتساخ بوحل الطين،
إرتق بالآي والتصق بها وكن من أهلها،
فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته..
فماذا يتوقع أهل الله من كريم الكريم إلا كرما بدون شطآن.. وعطاء غير مجدود،
ومددا بدون حدود،
فعادت خطواته أنوارا مستدرجة،
وتقوى متنامية،
وارتقاء نحو الولاية.

الفقير إلى عفو الله (نورالدين مشاط)

تأملات من نور: الأعمى والخيال

تأملات من نور: الأعمى والخيال



 
أخذتني أفكاري المتداعية كالأمواج إلى تساؤل طرحته على بعض ممن كان في رفقتي خارجين من المسجد..
تُرى هل يفر الأعمى الأصيل (الذي وُلِد أعمى) من مربعات الضيق والهموم كما نفعل نحن وذلك بتخيل عالم رحيب؟؟؟
بساتين غناء وبحيرات وطيور وأشجار وسماء وبحر و..و..
هل يتمتع بأحلام وردية تطرق نومه لتحمله من فراشه إلى عوالم من نسج خياله أو من تدبير الملهم القادر..؟؟؟؟
إنهم لا يتمتعون بذلك.. فما نراه في أحلام اليقظة أو النوم صور من واقعنا .. نأخذها ونبني من خلالها مبتكرات قصص ووقائع.. فيها أشخاص وأحداث وأماكن وأزمنة وألوان..
فمن أين للأعمى ما يؤثث به المشاهد التي يريد رسمها..
إن عالمهم عالم بدون أحلام وخيال..
إلا ما شاء الله .. فله السر في السموات والأرض..
يا لله.. اللهم عوضهم خيرا.. وارزقهم من مننك ما تنسيهم ظلمات الدنيا..
ومتعهم بأنوار من عندك في الدنيا وارزقهم حلاوة الهداية وطمأنينة ورضا لتسقيهم بهم السعادة
وترسم على وجوههم البسمة..
لنتذكر أيها الأحبة.. نعمة الخيال والحلم..
لنتذكر السباحة في العوالم الافتراضية وكيف أكرمنا الله بما نفر من خلاله من زحمة الواقع الضاغطة..
فنكسر الضيق ونرسم جسورا نحو عوالم من السعادة.. فنؤثث التعاسة بسويعات فيها ورود ورياحين وقصورا ولو على رمال وبجانب أمواج الواقع..
سويعات لكنها متنفسات..
لنتذكر أن هناك أناس محرومون منها.. فنخفف عنهم
ولنشكر الله.. وندعو لهم بمننه..
الفقير إلى عفو الله: نورالدين مشاط

المشاجب والأخطاء

المشاجب والأخطاء


هو العمى المعرفي .. عمى يقلب الحقائق فتغدو النعم نقما والمنح محنا،
نسي الشيطان أن ربه وضعه بين الملائكة..
ورفعه إلى مقام عبودية مميز..
مقام تلقي أمر يرقيه فوق نفسه وذاته ليرتفع في مقامات الرضا..
نسي المعيار الحقيقي الذي صعد به ليجلس بين الملائكة
معيار العبودية والتفت إلى معيار طبيعة الخلق (النور والنار والطين)
وهو المعيار الذي ننساه .. معيار الاصطفاء..
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ "
نسي الشيطان الهدف.. ونسي الآمر.. رب العزة ذو النعم.. ونظر إلى الأمرـ الاختبار..
وحينما سقط..
غاب عنه أنه كان في قاعة امتحان مع آخرين (الملائكة)..
مع من نجح في سلم العبودية .. من تلقى الأمر ونفذ..
فعلق زلته على مشجب ربه
فسمى الامتحان غواية..
ونسبها إلى ربه..
فنسب الظلم إليه
هي هكذا ثقوبنا وخطايانا.. كثيرة هي .. لكن معالجتها ممكنة.. ومزكية مرقية حينما نستبصر فيها..
ونغوص في أعماقها .. معترفين أولا ومحللين الأسباب.. ومستغفرين مصلحين..
هو ديدن الصالحين..
ديدن المهتدين..الذين ارتفعوا فوق تفاهة كرامة الذات وتقديسها وتحنيطها لتصبح إلها يعبد
ألم يعلنها يونس عليه السلام بتجرد تام
"لا إله إلا أنت سبحانك" قتل الآلهة المحيطة بالذات من شهوات.. ونظر إلى ما اقترف فاعترف: "إني كنت من الظالمين"
فكانت النتيجة: "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين"
فاصعد يا صاح.. وارتق ربوة العارفين.. ربوة كشافات الأخطاء..
لا لتركز على أخطاء غيرك.. بل لتركز على أخطائك أولا..
فذاك الارتقاء.. فذاك الارتقاء..
.................................
ثقافة التعامل مع الخطأ مدرسة ينبغي أن ندخلها..
أن نعتبر الخطأ أمرا عاديا.. وأنه نتيجة الضعف والفقر وعدم الإحاطة بالمعلومة..
الخطأ طبيعي.. لكن ما ليس طبيعيا هو أن لا نمتلك القدرة على التنقيب عنه..
أو اعتبار كشف الآخرين لنا عنه اعتداء..
فالمؤمن مرآة أخيه، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..
و"رحم الله من أهدى إلي عيوبي" كان مطلب عمر رضي الله عنه..
ومن هنا ينبغي للمدرسة أن تربي الناشئة على الاستبصار فيالأعمال واكتشاف الأخطاء..
تنقيبا وتمحيصا وتحليلا وتفكيكا..
واقتراح سبل الإصلاح..
فتلك غاية كبرى من غايات التربية..

(الفقير إلى عفو الله: نورالدين مشاط)

أمن يملك السمع والأبصار ؟

أمن يملك السمع والأبصار؟؟


من بصائر القرآن الكريم: 
"أمن يملك السمع والأبصار؟"
قد تحتج بوجود الأداة لديك، فها هي ذي عينك تشير بأصبعك إليها..
وها هي ذي أذنك منتصبة لتلتقط الأصوات..
لكن إذا غاب مصدر النور، أصبحت العين بلا فائدة
وإذا قطع ما بينها وبين الدماغ وأجهزة الالتقاط الداخلية من ارتباطات
وخيوط وشبكات وتعطلت لسبب من الأسباب حتى ولو كان مجرد هم وغم طارئ
فقد لا يبصر الإنسان ما أمامه ويغلق عينيه وهما مفتوحتان
ويضرب على أذنيه وهما منتصبتان
فسبحان من يملك السمع (الوظيفة)
ويملك الأبصار (الوظيفة)
بعدما خلق الأداة وتفضل بها على الخلق تكرما
وصدق الحبيب المصطفى عليه أزكى السلام
حينما نبهنا في سجوده بإشاراته اللطيفة العميقة
"سجد وجهي للذي خلقه ، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته" (رواه الترمذي) (ولنا عودة للحديث الشريف لعمقه وأنهاره)
وتحدث المولى وهو الحق وقوله الحق
في لمسة عميقة من الحق
الذي لا يضل ولا ينسى (كما قال موسى عليه السلام" لا يضل ربي ولا ينسى")
عن السمع مفردا، فنحن كلنا نسمع الصوت من مصدره
كان مرئيا لنا أو مخبأ
وذكر الأبصار بصيغة الجمع لأن مجالات الرؤية تختلف من واحد إلى آخر حسب تواجده وموقعه
فما أراه قد لا تراه، في حين نكون واقعين كلنا تحت مصدر صوت واحد
فتبارك الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء
ولا يغلب عنده صوت على صوت، فهو يسمع الخفي والظاهر وما هو في طور التشكل
يسمع ذبيب النملة السوداء فوق الصخرة الصماء في الليلة الظلماء بجانب هدير البحر
يرى خيوط النور في النور وهو نور على نور
ويرى بحار الظلمات وهي تراكم بعضها البعض..
ويرى السر علنا والغائبة حاضرة فكل شيء مكشوف لعلمه
والمستقبل والحاضر والماضي مبسوط بين يديه.
(الفقير إلى الله: نورالدين مشاط)