mercredi 3 mai 2017

القرآن والرفعة

القرآن والرفعة


"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث، ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا، فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)" (سورة الأعراف)
هذا القرآن روح تنفخ في الموات فإذا هم أحياء
يرفع الإنسان بنفخه نفسا جديدا فيه فتتجدد رؤاه وفهمه للعالم من حوله
فتتوسع مداركه بما يفتح الله عليه ويرتفع في مدارج الفهم وتتفتق بصيرته
فيرى بنور الله، فإذا الكون ضياء.. فيرى في الضياء ما لم يره من قبل
يرى في الناس معادنهم الحقة، يرى جوانبهم المضيئة ويثمنها ويمدحها فيهم ويلتمس الأعذار لأخطائهم لكونها جزء لا يتجزأ من ضعفهم ومن عدم إحاطتهم بالأشياء علما..
سر يا صاح تحت كشافات نور القرآن وارتشف من رحيقه واستنشق أريجه..
فوالله سيرفعك الله به لترى ما لا يراه الآخرون..
ارتق درجا تلو الدرج، فالسلم عال..
وأمسك عقدة بعد الأخرى فالحبل ممدود إلى عنان السماء..
سلم القرآن وحبله المتين حيث طرفه عند أهل القرآن وطرفه الآخر بيد المولى عز وجل
أمسك يا صاح.. فبإمساكك تتدفق ينابيع الهداية ينبوعا ينبوعا وبحيرة بحيرة "والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم" (محمد 17)
وتتفتح الأبواب وتظهر السبل المستترة للرحمن لا يخص بها إلا عباده المتقين الذين ارتفعوا فوق جواذب الأرض ووحل الطين وزخرف الأحجار وطلاء الأشياء، الذين جاهدوا ليرتفعوا بالآيات فيرتقوا فوق الوديان السحيقة ليروا سبل ذو الجلال والإكرام
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت 69)
أمسك يا صاح بآي القرآن، و"استمسك" كما فعل الحبيب المصطفى عليه السلام بها حين خاطبه العلي القدير بقوله جل من قائل "فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم" (الزخرف 43)
استمسك بها واصعد فمن لم يستمسك تدحرج إلى القاع الصفصف والتصق بالأرض واتبع هواه حيث يميل يمنة ويسرة حيث ما مالت به الرياح .. استمسك بوهج النور وكشافه لترى بوضوح ساطع حقيقة الأشياء وتنفذ إلى عمق محيطاتها وتسبر أغوارها فلا يخدعك شيء ولا تختبئ عنك معلومة "فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" (الذاريات 23) أليس هو القائل تعالى وجلت قدرته "ما فرطنا في الكتاب من شيء" (الأنعام 38)
فاقرأ وارتق.. تسلق الجدران وارتفع فوق قمم الجبال الراسيات الشامخات..
ارتفع بآي القرآن..
وإياك أن تنسلخ منها،
فما الانسلاخ إلا خلود إلى الأرض وارتماء في الحمأة واتساخ بوحل الطين،
إرتق بالآي والتصق بها وكن من أهلها،
فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته..
فماذا يتوقع أهل الله من كريم الكريم إلا كرما بدون شطآن.. وعطاء غير مجدود،
ومددا بدون حدود،
فعادت خطواته أنوارا مستدرجة،
وتقوى متنامية،
وارتقاء نحو الولاية.

الفقير إلى عفو الله (نورالدين مشاط)

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire